[عودة] الكلمة السبعون
شرح حديث: «من نفس عن مؤمن كربة» الحديث
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد..
فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهَِّ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» .
قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، هذا يرجع على أن الجزاء من جنس العمل، وقد تكاثرت النصوص بهذا المعنى، كقوله صلى اللَّه عليه وسلم: «َإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» ، وقوله صلى اللَّه عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ في الدُّنْيَا» .
وقوله صلى اللَّه عليه وسلم: «وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» .
والكربة: هي الشدة العظيمة التي توقع صاحبها في الكرب، وتنفيسها أن يخفف عنه منها، مأخوذ من تنفيس الخناق، كأنه يرخي له الخناق حتى يأخذ نفسًا، والتفريج أعظم من ذلك وهو: أن يزيل عنه الكربة فتنفرج عنه كربته ويزول همه وغمه.
فجزاء التنفيس: التنفيس، وجزاء التفريج: التفريج.
قوله: «كُرْبَةً مِنْ كُرَُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، ولم يقل: من كرب الدنيا والآخرة كما في التيسير والستر، قيل في مناسبة ذلك: أن الكرب هي الشدائد العظيمة وليس كل أحد يحصل له ذلك في الدنيا، بخلاف الإعسار والعورات المحتاجة إلى الستر، فإن أحدًا لا يكاد يخلو في الدنيا من ذلك ولو بتعسر بعض الحاجات المهمة، وقيل: لأن كرب الدنيا بالنسبة إلى كرب الآخرة لا شيء فادخر الله جزاء تنفيس الكرب عنده لينفس به كرب الآخرة وشدائدها.
قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ».
هذا أيضًا يدل على أن الإعسار قد يحصل في الآخرة، وقد وصف الله يوم القيامة بأنه «يوم عسير» فقال:﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَٰنِ ۚ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) ﴾ [سورة الفرقان، آية رقم: 26].
والتيسير على المعسر في الدنيا من جهة المال يكون بأحد أمرين؛ إما بانظاره إلى الميسرة وذلك واجب، قال تعالى: ﴿ن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ ﴾ [سورة البقرة، آية: 280]، وتارة بالوضع عنه إن كان غريمًا، وإلا فبإعطائه ما يزول به إعساره، وكلاهما له فضل عظيم.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ:تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ» .
وأخرج مسلم من حديث أبي قتادة رضي اللَّه عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «مَن سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عَنْهُ» .
قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ».
الستر نوعان: ستر للعورة الحسية، وهي ما بين السرة والركبة للرجل والمرأة كلها عورة. والمسلم إذا أُعطي من الملابس ما يستر عورته. فهذا عمل صالح والله يستره في مقابل هذا الستر ويجزيه من فضله أحسن ما فعل.
النوع الثاني: ستر العورة الدينية، والمقصود بها: المعاصي. فإذا رأى المسلم أخاه على معصية أسر بها وأخفاها فلا يفضحه ،وإنما ينصحه ويوجهه ويدعو له بالهداية والاستقامة ولا يشيعها بين الناس، لأن الله قال:﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) ﴾ [سورة النور، آية رقم: 19].
وقد رُوي عن بعض السلف قال: أدركت قومًا لم يكن لهم عيوب فذكروا عيوب الناس، فذكر الناس لهم عيوبًا. وأدركت أقوامًا كانت لهم عيوب فكفوا عن عيوب للناس فُنسيت عيوبهم.
وشاهد هذا حديث أبي برزة الأسلمي رضي اللَّه عنه: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ» .
إلا من كان مشتهرًا بالمعاصي معلنًا بها لا يبالي بما ارتكب منها، فهذا هو الفاجر المعلن، ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره ليقام عليه الحد كما صرح بذلك بعض أهل العلم، قال الإمام مالك: وأما من عرف بشرٍّ أو فساد فلا أحب أن يشفع له أحد، ولكن يترك حتى يُقام عليه الحد.
قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ»، بين النبي صلى اللَّه عليه وسلم أن نفع الناس من أعظم الأعمال والقربات، فروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي موسى رضي اللَّه عنه قال: كان رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة قال: «اشْفَعُوا تُؤجَرُوا، ويَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا أَحَبَّ» .
وروى مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي اللَّه عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَل» .
قال عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه قال: «إنا والله قد صحبنا رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم في السفر والحضر، فكان يعود مرضانا ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير» .
والصحابة من بعده كانوا يسيرون على منهجه فيخدمون الناس وينفعونهم؛ أبو بكر أسلم وله أربعون ألفًا فأنفقها في سبيل الله، وأعتق سبعة كلهم في سبيل الله، أعتق بلالًا وعامر بن فهيرة وزنيرة والنهدية وابنتها وجارية بن مؤمل وأم عبيس.
وعمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه كان يتعهد الأرامل يسقي لهن الماء ليلًا، وعثمان بن عفان اشترى بئر رومة بخمسة وثلاثين ألف درهم وجعلها للغني والفقير وابن السبيل، وغيرهم من الصحابة كانوا كذلك.
قال الذهبي عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه: وله محبون من العلماء والصلحاء ومن الجند والأمراء ومن التجار والكبراء، وسائر العامة تحبه لأنه منتصب لنفعهم ليلًا ونهارًا بلسانه وقلمه.
قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا»، سلوك الطريق لالتماس العلم يدخل فيه سلوك الطريق الحقيقي وهو الذهاب إلى مجالس العلماء، ويدخل فيه سلوك الطريق المؤدية إلى حصول العلم مثل حفظه ودراسته ومذاكرته ومطالعته وكتابته والتفهم له، ونحو ذلك من الطرق المعنوية التي يتوصل بها إلى العلم.
قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّة» قد يراد بذلك أن الله يسهل له العلم الذي طلبه وييسره عليه، فإن العلم طريق موصل إلى الجنة، وقد يراد أيضًا أن الله ييسر لطالب العلم إذا قصد بطلبه وجه الله الانتفاع به والعمل بمقتضاه فيكون سببًا لهدايته ولدخول الجنة. وقد ييسر الله لطالب العلم علومًا أُخر ينتفع بها، وتكون موصلة إلى الجنة.
وقد يدخل في ذلك أيضًا تسهيل طريق الجنة الحسي يوم القيامة وهو الصراط، وما قبله وما بعده من الأهوال، فلا طريق إلى معرفة الله وإلى الوصول إلى رضوانه والفوز بقربه ومجاورته في الآخرة إلا بالعلم النافع الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه.
قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ»، يعني في أي مكان، وإذا كان في المسجد كان ذلك أفضل لما في المسجد من الإعانة على هذا الخير، لأن وجودهم في المسجد من أعظم الأسباب في فراغهم وعنايتهم بالتلاوة وعدم تشاغلهم بشيء بخلاف البيوت، قال تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39)﴾ [سورة النور، الآيات: 36- 38].
وقد أخبر النبي صلى اللَّه عليه وسلم أن جزاء الذين يجلسون في بيت الله يتدارسون كتاب الله أربعة أشياء:
1- تنزل السكينة عليهم، وهي إما السكون والوقار والخشوع، وإما الملائكة الذين يستمعون القرآن، سمُّوا بذلك لما هم عليه من السكون والخشوع.
2- غشيان الرحمة: أي تكفير سيئاتهم ورفع درجاتهم، وإيصالهم إلى جنته وكرامته.
قال تعالى: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56)﴾ [سورة الأعراف، آية: 56].
3- أن الملائكة تحف بهم.
4-أن الله يذكرهم فيمن عنده.
وذكر الله لعبده: هو ثناؤه عليه في الملأ الأعلى بين ملائكته ومباهاتهم به وتنويهه بذكره.
وهذه الخصال الأربع لكل مجتمعين على ذكر الله تعالى. قوله: «وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ»، معناه أن العمل هو الذي يبلغ بالعبد درجات الآخرة، فمن أبطأ به عمله أن يبلغ به المنازل العالية عند الله تعالى، لم يسرع به نسبه فيبلغه تلك الدرجات، فإن الله رتب الجزاء على الأعمال لا على الأنساب، كما قال تعالى: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) ﴾ [سورة المؤمنون: 101].
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم حين أنزل عليه ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)﴾[سورة الشعراء: 214] قال: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وسلم سَلِينِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» .
ويشهد لهذا ما في الصحيحين من حديث عمرو بن العاص رضي اللَّه عنه أنه سمع النبي صلى اللَّه عليه وسلم يقول: «أَلاَ إِنَّ آلَ أَبِي فُلَانٍ لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إنَّمَا وَليِّيَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ» .
يشير إلى أن ولايته لا تنال بالنسب وإن قرب، وإنما تنال بالإيمان والعمل الصالح، فمن كان أكمل إيمانًا وعملًا فهو أعظم ولاية له، سواء كان له منه نسب قريب أو لم يكن. وفي هذا المعنى يقول بعضهم:
لَعَمرُكَ مَا الإِنسانُ إِلَّا بِدينِهِ
فَلَا تَترُكِ التَّقْوَى اتِّكَالًا عَلَى النَسَبِ
فَقَد رَفَعَ الإِسْلَامُ سَلْمَانَ فَارِسٍ
وَقَدْ وَضَعَ الشِّرْكُ الشَّقِيَّ أَبَا لَهَبِ
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين» .