[عودة] الكلمة الثانية والعشرون صفة الصلاة

الكلمة الثانية والعشرون
صفة الصلاة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد ..
قال الشيخ صالح الفوزان: «بعد أن بينَّا أركان الصلاة وواجباتها وسننها القولية والفعلية، نريد أن نذكر صفة الصلاة المشتملة على تلك الأركان والواجبات والسنن، حسبما وردت به النصوص من صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لتكون قدوة للمسلم، عملًا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (¬1) ، وإليك سياق ذلك:
-كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قام إلى الصلاة؛ استقبل القبلة، ورفع يديه، واستقبل ببطون أصابعهما القبلة، وقال: الله أكبر.
- ثم يُمسِك شماله بيمينه، ويضعهما على صدره.
- ثم يستفتح، ولم يكن -صلى الله عليه وسلم- يداوم على استفتاح واحد، فكل الاستفتاحات الثابتة عنه يجوز الاستفتاح بها، ومنها: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك.
- ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
- ثم يقرأ بفاتحة الكتاب، فإذا ختمها، قال: آمين.
- ثم يقرأ بعد ذلك سورة: طويلة تارة، وقصيرة تارة، ومتوسطة تارة، وكان يطيل قراءة الفجر أكثر من سائر الصلوات، وكان يجهر بالقراءة في الفجر والأُوليين من المغرب والعشاء، ويُسرُّ القراءة فيما سوى ذلك، وكان -صلى الله عليه وسلم- يطيل الركعة الأولى من كل صلاة على الثانية.
- ثم يرفع يديه كما رفعهما في الاستفتاح، ثم يقول: الله أكبر، ويَخِرُّ راكعًا، ويضع يديه على ركبتيه مُفَرَّجَتي الأصابع، ويُمَكِّنهُما، ويمد ظهره، ويجعل رأسه حياله: لا يرفعه ولا يخفضه، ويقول: سبحان ربي العظيم.
- ثم يرفع رأسه قائلًا: سمع الله لمن حمده، ويرفع يديه كما يرفعهما عند الركوع.
- فإذا اعتدل قائمًا؛ قال: ربنا لك الحمد، وكان يطيل هذا الاعتدال.
- ثم يكبر، ويخر ساجدًا، ولا يرفع يديه، فيسجد على جبهته وأنفه ويديه وركبتيه وأطراف قدميه، ويستقبل بأصابع يديه ورجليه القبلة، ويعتدل في سجوده، ويمكِّن جبهته وأنفه من الأرض، ويعتمد على كفيه، ويرفع مرفقيه، ويجافي عضديه عن جنبيه، ويرفع بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، وكان يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى.
- ثم يرفع رأسه قائلًا: الله أكبر، ثم يفرش رجله اليسرى، ويجلس عليها، وينصب اليمنى، ويضع يديه على فخذيه، ثم يقول: اللهم اغفر لي، وارحمني، واجبرني، واهدني، وارزقني.
- ثم يكبر ويسجد، ويصنع في الثانية مثلما صنع في الأولى.
- ثم يرفع رأسه مكبرًا، وينهض على صدور قدميه، معتمدًا على ركبتيه وفخذيه.
- فإذا استتم قائمًا، أخذ في القراءة، ويصلي الركعة الثانية كالأولى.
- ثم يجلس للتشهد الأول مفترشًا كما يجلس بين السجدتين، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، ويضع إبهام يده اليمنى على أصبعه الوسطى كهيئة الحلقة، ويشير بأصبعه السبابة، وينظر إليها (¬2) فكلما دعوت حرك إشارة إلى علو المدعو سبحانه وتعالى. الشرح الممتع [3/ 146].) ، ويقول: التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وكان -صلى الله عليه وسلم- يخفف هذه الجلسة (¬3) .
- ثم ينهض مكبرًا، فيصلي الثالثة والرابعة، ويخففهما على الأوليين، ويقرأ فيهما بفاتحة الكتاب.
- ثم يجلس في تشهده الأخير متوركًا، يفرش رجله اليسرى، بأن يجعل ظهرها على الأرض، وينصب رجله اليمنى أو يخرج رجله اليسرى عن يمينه، ويجعل أليتيه على الأرض.
- ثم يتشهد التشهد الأخير، وهو كالتشهد الأول ويزيد عليه: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
- ويستعيذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ويدعو بما ورد من الأدعية في الكتاب والسنة.
- ثم يسلم عن يمينه، فيقول: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك؛ يبتدئُ السلام متوجهًا إلى القبلة، ويُنهيه مع تمام الالتفات.
- فإذا سلم قال: أستغفر الله ثلاثًا، اللهم إنك أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم يذكر الله بما ورد.
أيها المسلم، هذه جملة مختصرة في صفة الصلاة حسبما ورد في النصوص، فعليك أن تهتم بصلاتك غاية الاهتمام، وأن تكون صلاتك متفقة حسب الإمكان مع صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الاحزاب].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

¬_________
(¬1) صحيح البخاري برقم 631.
(¬2) قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: دلت السنة على أنه يشير بها عند الدعاء؛ لأن لفظ الحديث (يحركها يدعو بها
(¬3) قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- بعد كلامه على التشهد الأول: ثم يصلي على النبي الصلاة الإبراهيمية لعموم الأحاديث الواردة في الأمر بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد، وإن تركها في التشهد الأول فلا حرج؛ لأنه قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض الأحاديث أنه نهض إلى الثالثة بعد الشهادتين ولم يصل على النبي -صلى الله عليه وسلم-. انظر صفة الصلاة للشيخ ابن باز -رحمه الله-.