[عودة] الكلمة الثامنة والثلاثون: الحث على التجارة، وبيان بركتها،

الكلمة الثامنة والثلاثون: الحث على التجارة، وبيان بركتها،
وحلول لمشكلة البطالة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد ..
فقد وردت النصوص من الكتاب والسنة تحث على التجارة وتبين فضلها وبركتها، والاستغناء بها عما في أيدي الناس، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور} [الملك:15]. وقال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10].
قال البغوي: أي: إذا فرغ من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة والتصرف في حوائجكم (¬1). كان عراك بن مالك رضي الله عنه إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد، فقال: اللهم أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين (¬2).
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث رافع بن خديج قال: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الكَسبِ أَطيَبُ؟ قَالَ: «عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ» (¬3).
وروى البخاري في صحيحه من حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيرًا مِن أَن يَأكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عليه السلام كَانَ يَأكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ» (¬4). وفي رواية: «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ» (¬5).
وروى البخاري في صحيحه من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ يَاخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَاتِيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ، أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ» (¬6).
وكما تقدم أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عليه السلام كَانَ يَأكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ، فكذلك كان غيره من الأنبياء. روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كَانَ زَكَرِيَّا عَلَيهِ السَّلَامُ نَجَّارًا» (¬7). وموسى عليه السلام عمل عند شعيب عشر سنوات يرعى الغنم، ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام رعى الغنم. روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ». فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ» (¬8). والقراريط دراهم يسيرة.
ومن الأدلة على فضل التجارة وبركتها: ما ورد في الصحيحين من حديث أنس: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَآخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى، فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وَأُزَوِّجُكَ، قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَمَا رَجَعَ حَتَّى اسْتَفْضَلَ أَقِطًا وَسَمْنًا (¬9) .. الحديث.
فعبد الرحمن بن عوف تعفف عن مال أخيه، ثم سعى في التجارة فبارك الله له وفتح عليه بها، فتزوج بعد ذلك، ثم أصبح من تجار المدينة. قال أيوب السختياني: قال لي أبو قلابة: الزم السوق فإن الغنى من العافية (¬10) .. يعني: الغنى عن الناس.
قال علي بن الفضيل: سمعت أبي وهو يقول لابن المبارك: أنت تأمرنا بالزهد، والتقلل، والبلغة، ونراك تأتي بالبضائع من بلاد خراسان إلى البلد الحرام، كيف ذا؟ فقال ابن المبارك: يا أبا علي إنما أفعل ذا؛ لأصون به وجهي، وأكرم به عرضي، وأستعين به على طاعة ربي (¬11).
سئل الإمام أحمد بن حنبل: ما تقول فيمن جلس في بيته أو مسجده، وقال: لا أعمل شيئًا حتى يأتيني رزقي؟ فقال أحمد: هذا رجل جهل العلم، أما سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَجُعِلَ رِزْقي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي» (¬12) (¬13).
أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم: «لَو أَنَّكُم كُنتُم تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرُزِقتُم كَمَا تُرزَقُ الطَّيرُ، تَغدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» (¬14). فقوله صلى الله عليه وسلم حين ذكر الطير: «تَغدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا»، فذكر أنها تغدو في طلب الرزق (¬15).
وكان زيد بن مسلمة يغرس في أرضه، فقال له عمر رضي الله عنه: أصبت، استغن عن الناس، يكن أصون لدينك، وأكرم لك عليهم.
وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجرون في البر والبحر، ويعملون في نخيلهم، والقدوة بهم. قال أبو قلابة البصري لرجل: لأن أراك تطلب معاشك، أحب إلي من أراك في زاوية المسجد.
وقال أبو سليمان الداراني: ليس العبادة عندنا أن تصف قدميك وغيرك يقوت لك، ولكن ابدأ برغيفيك فأحرزهما ثم تعبد.
قال الغزالي: «فهذه مذمة الشرع للسؤال والاتكال على كفاية الأغيار (¬16)، ومن ليس له مال موروث، فلا ينجيه من ذلك بعد الله إلا الكسب والتجارة» (¬17).
وكما وردت النصوص الكثيرة في فضل التجارة والاستغناء عما في أيدي الناس، فقد وردت نصوص وآثار تذم البطالة وتحذر منها، فمن ذلك: ما رواه مسلم في صحيحه من حديث عياض بن حمار رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ»، وَفِيهِ: «وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ: الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ (¬18)، الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًَا، لاَ يَبْتَغُونَ أَهْلًا وَلَا مَالًا» .. الحديث (¬19).
ومن ذلك قول عمر بن الخطاب: لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة (¬20).
وقال ابن مسعود: «إني لأكره أن أرى الرجل فارغًا، لا في أمر دنياه، ولا في أمر آخرته» (¬21).
ومما تقدم من النصوص والآثار السابقة، يتبيَّن لنا الآتي:
1 - أن الإنسان يسعى لرزقه ويبذل الأسباب المشروعة كما أُمر، والله تعالى يبارك في هذا السعي، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين} [الذاريات:58]. وقال تعالى: {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون} [الذاريات:22].
2 - أن الرزق ليس مرتبطًا بالشهادة الدراسية أو الذكاء، أو الحصول على وظيفة حكومية، فكم من رجل أُمِّيٍّ لا يقرأ ولا يكتب، ومع ذلك يملك الأموال الطائلة؟!
3 - أن المجالات والفرص المتاحة كثيرة، ولكن يحتاج الإنسان لتشغيل الذهن، والتفكير المثمر، والعمل الجاد مع الاستعانة بالله.
وهذه بعض الأسباب التي تعين على نجاح التجارة، أُخذت من النصوص الشرعية، وسؤال المختصين في ذلك:
1 - حسن النية في التجارة وأن يقصد الاستعفاف والاستغناء عن سؤال الناس. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ» (¬22).
2 - الجرأة في الإقدام على العمل التجاري، قال ابن خلدون: وأما من كان فاقدًا للجرأة والإقدام من نفسه، فينبغي أن يجتنب الاحتراف بالتجارة (¬23).
3 - الوعي والإدراك لما يقدم عليه من أمور التجارة وتفاصيلها الدقيقة، فالبعض يقدم على التجارة ولكن للأسف لا يتابع أمورها، وإنما يكل الأمور للآخرين من موظَّفين أو عمَّال فتحصل الخسارة.
4 - بذل الأسباب الشرعية من الاستخارة التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم أمته، والتوكل على الله، والاعتماد عليه، وكذلك الاستشارة للمختصين في هذا المجال قبل البدء في العمل التجاري، ودراسة المشروع والجدوى الاقتصادية منه، والاستمرار في الاستشارة، حتى يصل المشروع إلى تحقيق أهدافه.
5 - تقوى الله ومراقبته في هذه التجارة، فما اتقى الله امرؤ في أي أمر من أموره، إلا بارك الله له فيه. قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ} [الأعراف: 96]. وقال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2 - 3].
والبعد عن بيع أو شراء ما فيه مخالفات شرعية أو محرمات والتَّوَرُّع عن الشُّبُهات. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فَمَنْ يَاخُذْ مَالًا بِحَقِّهِ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَاكُلُ وَلَا يَشْبَعُ» (¬24).
قال ابن حجر: «وفيه أن المكتسب للمال من غير حلِّه لا يبارك له فيه، لتشبيهه بالذي يأكل ولا يشبع» (¬25).
6 - الاكتفاء بالربح القليل، وعدم النظر إلى الغير من التجار، والاستعجال لِلَّحاق بهم، فمن استعجل شيئًا قبل أوانه عُوقِب بحِرمانه، وقد قيل: قليل دائم خير من كثير منقطع.
7 - الترتيب المالي للعمل التجاري فيعرف ما له وما عليه؟ وكم سينفق على هذا المشروع من مال؟ وما هي الثمرة المتوقعة منه؟ وما مقدار هذه الأرباح؟ وغير ذلك من التفاصيل الدقيقة التي توضح له الأمور، وتساعده على تجاوز العقبات، ونجاح المشروع.
8 - الصدق في المعاملة من بيع، وشراء، وشراكة والنصح للمشتري، لما ورد في الصحيحين من حديث حكيم بن حزام: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَم يَتَفَرَّقَا، فَإِن صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيعِهِمَا، وَإِن كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيعِهِمَا» (¬26).
وروى البخاري ومسلم من حديث جرير بن عبد الله قال: «بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» (¬27). فَكَانَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِِذَا اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ بَاعَ، يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: «اعْلَمْ أَنَّ مَا أَخَذْنَا مِنْكَ، أَحَبُّ إِِلَيْنَا مِمَّا أَعْطَيْنَاكَهُ، فَاخْتَرْ». وروى الطبراني في ترجمته: أن غلامه اشترى له فرسًا بثلاث مئة، فلما رآه جاء إلى صاحبه فقال: إن فرسك خير من ثلاث مئة، فلم يزل يزيده حتى أعطاه ثماني مئة درهم (¬28).
9 - التبكير في البيع، والشراء. روى أبو داود في سننه من حديث صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا». وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا، بَعَثَهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا، وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ (¬29).
10 - أن يرضى التاجر بما قسم الله له من رزق. روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي العلاء بن الشخير قال: حدثني أحد بني سُلَيمٍ، ولا أحسبه إلا قد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللَّهَ يَبْتَلِي عَبْدَهُ بِمَا أَعْطَاهُ، فَمَنْ رَضِيَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَهُ، بَارَكَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ، وَوَسَّعَهُ؛ وَمَنْ لَمْ يَرْضَ، لَمْ يُبَارِكْ لَهُ» (¬30).
11 - أداء الزكاة في وقتها، ووضعها في مواضعها الشرعية، فهي الركن الثالث من أركان الدين، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيم} [التوبة: 103]. فالزكاة طهرة ونماء للمال.
12 - وضع جزء من الربح للصدقة وهذا من أسباب البركة ونماء المال. روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، فَتَنَحَّى ذاَلِكَ السَّحَابُ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ، لِلاِسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَاذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، لاِسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَاذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ» (¬31).
13 - الدعاء، فيكثر من الدعاء بأن يباركَ الله له في تجارته ويوسع له فيها، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون} [البقرة].
روى البخاري في صحيحه من حديث عُرْوَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ (¬32).
وفي الحديث: «الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ» (¬33) (¬34).
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
¬_________
(¬1) تفسير البغوي (2/ 945).
(¬2) تفسير ابن كثير (13/ 563).
(¬3) (28/ 502) برقم (17265)، وقال محققوه: حسن لغيره.
(¬4) برقم (2072).
(¬5) سنن الترمذي برقم (1358)، وقال: حديث حسن صحيح.
(¬6) برقم (1471).
(¬7) صحيح مسلم برقم (2379).
(¬8) برقم (2262).
(¬9) صحيح البخاري برقم 3780، وصحيح مسلم برقم 1427.
(¬10) إحياء علوم الدين (2/ 943).
(¬11) تاريخ بغداد (10/ 160).
(¬12) مسند الإمام أحمد (2/ 92)، وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (15/ 509): إسناده صالح.
(¬13) إحياء علوم الدين (2/ 60) [طبعة دار الكتب العلمية الثالثة - بيروت].
(¬14) سنن الترمذي برقم (2344)، وقال: حديث حسن صحيح؛ ومسند الإمام أحمد (1/ 332) برقم (205)، وقال محققوه: إسناده قوي.
(¬15) أي: أنها تذهب في أول النهار جائعة، وترجع في آخر النهار، وقد امتلأت بطونها بالطعام.
(¬16) الأغيار: جمع غير، والمراد الغير من الناس.
(¬17) إحياء علوم الدين (2/ 942 - 944) بتصرف.
(¬18) قيل: الذي لا مال له. شرح صحيح مسلم، للنووي (17/ 196).
(¬19) برقم (2865).
(¬20) إحياء علوم الدين (2/ 942).
(¬21) نفس المصدر السابق.
(¬22) صحيح البخاري برقم (1469)، وصحيح مسلم برقم (1053).
(¬23) مقدمة ابن خلدون (ص410).
(¬24) برقم (6427)، وصحيح مسلم برقم (1054) واللفظ له.
(¬25) فتح الباري (11/ 249).
(¬26) برقم (2110)، وصحيح مسلم برقم (1532) ..
(¬27) صحيح البخاري برقم (57)، وصحيح مسلم برقم (56).
(¬28) فتح الباري (1/ 139).
(¬29) سنن أبي داود برقم 2606، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2/ 494) برقم (2270).
(¬30) (33/ 403) برقم (20279)، وقال محققوه: إسناده صحيح.
(¬31) برقم (2984).
(¬32) برقم (3642).
(¬33) سنن أبي داود برقم (1479)، وسنن الترمذي برقم (3247)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(¬34) ومن أراد التوسع في الموضوع، فليراجع رسالة المؤلف (التجارة والأسواق. نصائح وأحكام).