[عودة] الكلمة الخامسة والثلاثون: الإيمان بالله
الكلمة الخامسة والثلاثون: الإيمان بالله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد ..
فإن من أعظم ما أمر الله به عباده: الإيمان به وحده، والكفر بما سواه، وهو العروة الوثقى التي من تمسك بها نجا وفاز، ومن تركها خاب وخسر، قال تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيم} [البقرة:256]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36].
والآيات في الأمر بالإيمان بالله، والترغيب فيه، وبيان فضله، والتحذير من تركه كثيرة، قال تعالى: {وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين} [المائدة:5].
وأركان الإيمان ستة، أعظمها الإيمان بالله تعالى، ففي حديث جبريل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الإِيمَانُ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» (¬1).
والإيمان محله القلب، وآثاره الأقوال، والأعمال الصالحة، والإيمان بالله يتضمن أربعة أمور:
«أولًا: الإيمان بوجود الله تعالى
وقد دل على وجوده الفطرة، والعقل، والشرع، والحس، أما دلالة الفطرة، فإن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه، من غير سبق تفكير، أو تعليم، ولا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة، إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَا مِن مَولُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَو يُنَصِّرَانِِهِ، أَو يُمَجَِّسَانِهِ»، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيرَةَ: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30] (¬2).
وأما دلالة العقل على وجود الله تعالى، فلأن هذه المخلوقات سابقها ولاحقها لا بد لها من خالق أوجدها، إذ لا يمكن أن توجد نفسها بنفسها، ولا يمكن أن توجد صدفة، ولا يمكن أن توجد نفسها بنفسها، لأن الشيء لا يخلق نفسه، لأنه قبل وجوده معدوم، فكيف يكون خالقًا؟!
ولا يمكن أن توجد صدفة، لأن كل حادث لا بد له من مُحدِثٍ، ولأن وجودها على هذا النظام البديع، والتناسق المتآلف، والارتباط الملتحم بين الأسباب ومسبباتها، وبين الكائنات بعضها مع بعض، يمنع منعًا باتًّا أن يكون وجودها صدفة، إذ الموجود صدفة ليس على نظام في أصل وجوده، فكيف يكون منتظمًا حال بقائه وتطوره؟! فكذلك هذه الطيور، والجبال، والشمس والقمر، والنجوم، والرمال، والبحار .. وغير ذلك لا يمكن أن توجد صدفة أبدًا، فتعين أن يكون لها مُوجِدٌ وهو الله رب العالمين.
وقد ذكر الله هذا الدليل العقلي، فقال: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُون} [الطور:35]. يعني: أنهم لم يُخلقوا من غير خالق، ولا هم الذين خلقوا أنفسهم، فَتَعَيَّنَ أن يكون خالقهم هو الله تبارك وتعالى. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقرَأُ فِي المَغرِبِ بِالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُون * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُون} [الطور: 35 - 36]، كَادَ قَلبِي أَن يَطِيرَ (¬3).
وأما دلالة الحس على وجود الله، فمن وجهين: أحدهما: أننا نسمع ونشاهد من إجابة الداعين، وغوث المكروبين، ما يدل دلالة قاطعة على وجوده تعالى، قال سبحانه: {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ} [الأنبياء: 76]. وقال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9].
وفي صحيح البخاري من حديث أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: إِنَّ أَعرَابِيًّا دَخَلَ المَسجِدَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَموَالُ، وَانقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا»، قَالَ أَنَسٌ: فَمَا رَأَينَا الشَّمسَ سَبْتًا (¬4)، حَتَّى جَاءَ الأََعرَابِيُّ الجُمُعَةَ القَادِمَةَ، فَقَالَ: هَلَكَتِ الأَموَالُ، وَانقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلَا عَلَيْنَا»، فَتَوَقَّفَ المَطَرُ (¬5). وما زالت إجابة الداعين أمرًا مشهودًا إلى يومنا هذا.
الوجه الثاني: أن آيات الأنبياء التي تسمى المعجزات ويشاهدها الناس أو يسمعون بها، برهان قاطع على وجود مرسلهم وهو الله تعالى، لأنها أمور خارجة عن نطاق البشر، يجريها الله تأييدًا لرسله، ونصرة لهم، مثال ذلك: آية موسى عليه السلام حين أمره الله أن اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق اثني عشر طريقًا يابسًا، والماء بينهما كالجبال، قال تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيم} [الشعراء:63].
مثال آخر: آية عيسى عليه السلام حيث كان يحيي الموتى، ويخرجهم من قبورهم بإذن الله، قال الله تعالى: {وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ} [آل عمران: 49]. وقال سبحانه: {وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي} [المائدة: 110].
ومثال ثالث: لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين طلبت منه قريش آية، فأشار إلى القمر فانفلق فرقتين فرآه الناس، وفي ذلك يقول تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَر * وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِر} [القمر:1 - 2]. فهذه الآيات المحسوسة التي يجريها الله تعالى تأييدًا لرسله، ونصرًا لهم، تدل دلالة قطعية على وجوده تعالى.
أما دلالة الشرع، فلأن الكتب السماوية كلها تنطق بذلك، وما جاءت به من الأحكام المتضمنة لمصالح الخلق، دليل على أنها من رب حكيم عليم بمصالح خلقه، وما جاءت به من الأخبار الكونية التي شهد الواقع بصدقها، دليل على أنها من رب قادر على إيجاد ما أخبر به» (¬6).
ثانيًا: الإيمان بربوبيته
ومعناه الاعتقاد الجازم بأن الله وحده لا شريك له، الخالق الرازق، المدبر للعالم كله والمتصرف فيه، وأنه خالق العباد ورازقهم ومحييهم ومميتهم، وقد دلت الأدلة الشرعية على وجوب الإيمان بربوبيته سبحانه، قال تعالى: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِين} [الأعراف:54]. وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} [البقرة: 29]. وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين} [الذاريات:58]. وهذا النوع من التوحيد لم يخالف فيه كفار قريش، فكانوا يقرون به مع إشراكهم في توحيد الألوهية، قال تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُون} [العنكبوت: 61]. وقال تعالى: {قُل لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُون * قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُون * قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُون} [المؤمنون:84 - 89].
ويجب أن يعلم أن ما ذكره الله عن الكفار من الاعتراف، إنما هو إقرار وليس هو المعرفة لله، والعلم به التي تدعو إلى محبة الله، وحمده، وشكره، وأنه وحده المستحق للعبادة، وأن التقليل من شأن هذا النوع من التوحيد - أعني: توحيد الربوبية - بناءً على اعتراف الكفار به، وأنه لم ينفعهم، دليل على أن قائل ذلك لم يفهم توحيد الربوبية كما أراد الله، وقد أبدى الله تعالى وأعاد في كتابه الكريم في بيان هذا النوع، وعرف نفسه إلى خلقه حتى يعبدوه على بصيرة، ويوحدوه على علم، قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر: 28]. فالعلماء هم العارفون بالله، وقد جاءت هذه الآية بعد ذكر الآيات التي تعرفه إلى خلقه، وإليك الآيات فتدبر: قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا} [فاطر: 27].
وتوحيد العبادة لا يتحقق على وجه الكمال إلا بمعرفة توحيد الربوبية، ولذا نجد أن الله تعالى إذا أمر بتوحيده ذكر قبله أو بعده توحيد الربوبية برهانًا على استحقاقه لذلك، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [البقرة:21]، وقال تعالى: {طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى* إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى* تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى * اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} [طه:1 - 8].
وهذه المعرفة هي التي تنفع صاحبها حين يدخل قبره، فيُسأل من ربك؟ فمن عرف الله معرفة صحيحة أجاب إجابة صحيحة، فقال: (ربي الله)، ومن كانت معرفته معرفة الكفار، لا يتجاوز الإقرار القهري، فإنه لا يستطيع الإجابة.
ثالثًا: الإيمان بألوهيته:
وهو توحيد العبادة التي هي سر الوجود، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون} [الذاريات:56]، ومعنى ذلك: أن تكون العبادة بجميع أنواعها، والطاعة المطلقة لله تعالى لا يصرف منها شيء لغيره، فكما أنه المتوحد بالخلق، فالأمر الواجب طاعته، قال تعالى: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِين} [الأعراف:54].
إن العبادة التي يريد منا ربنا عز وجل إفراده بها، هي التي تكون ناتجة عن طبيعتين فطر الله الإنسان عليها، وهما الإعجاب بالعظمة، والاعتراف بالجميل، والعبد إذا نظر إلى آيات الله في نفسه وما حوله، تبين له عظمة الله تعالى وجلاله، وقدسيته، وكماله، قال تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُون} [الذاريات:21]، كما أنه إذا نظر إلى ما أنعم الله به عليه، وعنايته به، وأنه لا يطعم إلا من رزقه، ولا يكسي إلا من ستره، ولا ينجو من كرب وشدة إلا بإنقاذه دعاه ذلك إلى الاعتراف بنعمائه، والشكر لإحسانه، فيقوم بالعبادة، ويتفانى فيها حبًا له، وتعظيمًا لشأنه، قال تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُون} [النحل:53]، على هذا الأساس تربى محمد صلى الله عليه وسلم وربى أصحابه، فأول ما نزل عليه من القرآن: {اقْرَا بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَق * اقْرَا وَرَبُّكَ الأَكْرَم * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَم * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم} [العلق:1 - 5]، وأول ما أمر به من دعوة الخلق تعظيم ربه، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّر * قُمْ فَأَنذِر * وَرَبَّكَ فَكَبِّر} [المدثر:1 - 3].
رابعًا: الإيمان بأسماء الله وصفاته:
قال تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} [الأعراف]، فأسماؤه جلا وعلا حسنى، وصفاته عليا، وما من اسم من أسمائه إلا وهو يتضمن صفة أو أكثر من صفاته، فاسمه الرحمن يتضمن صفة الرحمة، واسمه الكريم يتضمن صفة الكرم، والإيمان بها يستلزم إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو على لسان رسوله من الأسماء والصفات على الوجه الذي يليق بجلاله وعظمته، على حد قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير} [الشورى:11]، فأثبت لنفسه اسمين عظيمين وهما السميع والبصير، وقد تضمنت صفتين كريمتين وهما: أنه يسمع ويرى، وهاتان الصفتان لا تشبهان صفات المخلوقين، ولذا قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وما يريده الله من حين علمنا أن هذين الاسمين من أسمائه وما تضمنت من الصفات هي صفاته، هو أن نعلم أنه يرانا فلا نأتي إلا ما يرضيه، ونحذر أن يسمع منا ما يسخطه، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم} [المجادلة:7]، وهكذا سائر الأسماء والصفات.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
¬_________
(¬1) صحيح مسلم برقم (8).
(¬2) صحيح البخاري برقم (1359)، وصحيح مسلم برقم (2658).
(¬3) برقم (4854)، وصحيح مسلم برقم (463) مختصرًا.
(¬4) أي: أسبوعًا.
(¬5) صحيح البخاري برقم (1014)، وصحيح مسلم برقم (897).
(¬6) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (5/ 108).